تحت عنوان "بدنا نشوف الضفة" و"بدنا نشوف غزة"، أطلق نشطاء وصحافيون فلسطينيون فعالية جديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليكشفوا عن حجم المعاناة التي يعاني فصولها الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من خلال منعهم من التنقل بين المدن الفلسطينية وانتهاك أبسط حقوقهم في حرية الوصول والحركة التي أصبحت بالنسبة لهم كالحلم كما يقولون.
وتأتي هذه الفعالية في سياق حملة انطلقت من قطاع غزة، للمطالبة بتسهيل حرية الحركة وفتح "ممر آمن" بين القطاع المحاصر والضفة الغربية المحتلة، وقد حظيت بتفاعل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، ويأمل القائمون عليها تحقيق أهدافها للسماح لهم بالوصول إلى الضفة والقدس، وإنهاء إجراءات الاحتلال العقابية على المعابر والحواجز(1).
تهجير حديث..
المحامية والناشطة الفلسطينية فاطمة عاشور، كانت نموذجاً حيا لممارسات وإجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المعابر(2)، وانتهاك حرية التنقل والحركة في قطاع غزّة، إذ مُنعت من الوصول إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة هي وعشرات المشاركين عبر معبر بيت حانون/إيرز، للمشاركة في مؤتمر تدريبي متعدد التخصصات نظمته وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء الماضي.
وتقول لـ "النشرة"، إنّهم أبلغوا بمنع الخروج من غزة إلى رام الله من قبل الجانب الإسرائيلي، بعد أن تقدّموا بطلب الحصول على تصاريح دخول الضفة الغربية المحتلة من خلال مكتب وزارة الخارجية الأميركية في غزة، "إلا أننا تفاجأنا برفض عدد من المشاركين، وطلب الاحتلال مقابلة آخرين على ذات الحاجز قبل موعد السفر".
وتصف عاشور ما حدث بـ "الانتهاك السافر من قبل قوات الاحتلال، لتضييق الخناق علينا وتشديد الحصار الثقافي العلمي، لأن ما تخشاه إسرائيل إعادة إعمار العقول"، موضحة أنّ "إسرائيل" تتبع سياسة التضييق للتهجير الاختياري أو التهجير الحديث".
أدوات ضغط..
أما الصحفي نضال الوحيدي وهو أحد مؤسسي الحملة، فيقول إن الحملة لاقت تفاعلاً ورواجاً كبيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً "فسيبوك" و "تويتر"، مشدداً على ضرورة استمرارها لأجل تحقيق أهدافها من خلال فتح ممر آمن بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة لحرية التنقل والحركة.
وفي حديث إلى "النشرة"، يقول الوحيدي، "إننا نواصل جهودنا في هذه الحملة كي نكون أدوات ضغط على أصحاب القرار"، منوها إلى أنّ الخطوة القادمة ستكون بالتوجه إلى المسؤولين الفلسطينيين في السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي والمنظمات الحقوقية.
ويشير الوحيدي، إلى "إننا نعمل بشكل مشترك مع مؤسسة فلسطينيات وهي مؤسسة صحفية فلسطينية تعنى بالصحفيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، دعمت الحملة بعد منع سلطات الاحتلال لعدد من الصحفيات المشاركة في دورة "الحساسية الجندرية" في الضفة الغربية المحتلة، من أجل تعزيز الحملة وتحقيق ما نصبو إليه".
حل سياسي وجهد أكبر..
وبينما يعتبر الوحيدي أنّ الحملة لاقت رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ترى الصحفية مشيرة أبو شماس أنّ فكرة الحملة ربما لا تشكل وسيلة ضغط على سلطات الاحتلال، والمطلوب هو جهد أكبر وتعزيز لفكرة الحملة.
وتقول أبو شماس لـ"النشرة"، إنّ الذهاب من غزة إلى رام الله او القدس ومحافظات الضفة الغربية المحتلة، أصبح بمثابة الحلم لكل الشباب الفلسطيني الذين يمنعهم ويحرمهم الاحتلال من الوصول إلى هناك، ويضع أمامهم أسباباً قاهرة لأجل المنع من الوصول.
وتشدّد الصحفية أبو شماس على أنّ المطلوب "حل سياسي واضح فيما يتعلق بالمعابر على وجه الخصوص"، متسائلة: "هل هنالك نية حقيقية للوصول إلى تسوية من شأنها التخفيف من معاناة أهل غزة والضفة؟"
حلم!
"حقوقنا أصبحت أحلامًا بالنسبة لنا بعد أن سلبها الاحتلال منّا"، هذا ما يؤكد عليه الناشط السياسي طارق الفرا، والذي يقول "إننا نحلم بأن نحصل على حقنا في زيارة مدن الضفة وأهلنا في الأراضي المحتلة وزيارة القدس ومعرفة مدننا وقرانا على الواقع وليس من خلال الصور".
ويعتبر الفرا في حديث مع "النشرة"، أنّ الحملة تنجح من خلال إعادة الاحتلال فتح الممر الأمن بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة أمام حركة المواطنين في الاتجاهين، مطالباً كافة الأطراف باتخاذ موقف واضح من حصار قطاع غزة المستمر منذ ثمانية سنوات.
ويضيف الفرا: "من غير المعقول استمرار انتهاك أبسط حقوقنا في التنقل والحركة، من حقنا أن نزور ونلتقي بأصدقائنا في القدس ورام الله، ونصل إلى كافة المدن الفلسطينية".
(1)وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق سلام مع إسرائيل، عُرف باتفاق أوسلو، في العام 1993، وقد نصّ في المادة التاسعة منه على إلزام إسرائيل بالسماح بتشغيل ممر آمن بين غزة والضفة، لإتاحة مرور الأشخاص بحرية، وتم تشغيله عام 1999، كان عبارة عن 44 كيلومترًا، يسمح للفلسطينيين بحركة المرور بين حاجزين إسرائيليين هما حاجز "ترقوميا" على مشارف مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، وحاجز "إيرنز" على مدخل بيت حانون شمال قطاع غزة بموافقة إسرائيلية وتصاريح خاصة.
لكن، وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، أغلقت "إسرائيل" هذا الممر، ووعدت بفتحه خلال استئناف جولات جديدة من المفاوضات مع السلطة وهو ما لم يحدث حتى الآن.
(2)يتعرض الفلسطينيون للمنع والابتزاز على مختلف الحواجز الاسرائيلية المنتشرة في مدن الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، بينما تفرض سلطات الاحتلال شروطاً لأجل اجتياز هذه الحواجز الإسرائيلية متعلقة بالأعمار وغيرها.